عبارة

قيمة العمل
إعداد: العميد علي قانصو
مدير التوجيه

يمثّل عيد العمال مجموعة من القيم الإنسانيّة الرفيعة التي تَدْخل في صلب بناء المجتمع وتكوين أفراده وتربيتهم. ففي هذه المناسبة نستحضر العمل بمعناه الشامل والجهد الكبير الذي يبذله العمّال يوميًّا، سواءٌ أصحاب الحرف والمهن اليدويّة، أو الموظفون على مختلف أنواعهم واختصاصاتهم. فهؤلاء جميعًا يشكّلون القوّة العاملة التي تُبنى بسواعدها الحضارات، ويقدّمون خير مثال عن التفاني والإخلاص لإنجاز المهمّة الموكلة إليهم.

وقد روى لنا التاريخ كيف نهضت إمبراطوريات واسعة مترامية الأطراف بفضل ما بذله أبناؤها من جهود وتضحيات، فأدّوا واجبهم على أكمل وجه وبنوا معالم حضارية دامت آلاف السنين وأصبحوا مثالًا يحتذى لبقية شعوب العالم.

لكل ما سبق، تولي الدول احترامًا بالغًا وتقديرًا عميقًا للعامل باعتباره أحد عناصر الرقي والتقدم. فمتى كان العامل مُتقِنًا لعمله بارعًا فيه، بانَ الأثر الإيجابي مباشرةً في مختلف القطاعات الإنتاجيّة. تلك هي المبادئ التي ينبغي لكلّ منّا أن يضعها نصب عينيه وهو يُنجز عمله، عازمًا على أنْ يرضي ضميره أولًا، وأنْ يُتمّ واجبه ثانيًا بما يكفل تطوير قدرات وطنه. من هنا نجد أنّ الانتماء الوطنيّ لا يكتمل إلا بالعطاء المتواصل كجزء من خدمة الإنسان لبلاده ومساهمته في رفعة شأنها والحفاظ على قوّتها أمام التحديات.

في هذا الإطار، يمكن النظر إلى قيمة العمل الجاد التي يَحملها عيد العمال من زاوية النضال الطويل الذي خاضه اللبنانيون، وفي مقدّمهم الجيش اللبناني، خلال تاريخ بلدهم منذ الاستقلال حتّى اليوم، مجابهين جميع أنواع الصعوبات والتحديات، سواء لجهة الأعداء المتربّصين بنا شرًّا ولا سيما العدو الإسرائيلي والإرهاب، أو لجهة الأزمات الداخلية المختلفة وتداعياتها على الاقتصاد والمجتمع. وبالتالي، نرى أنّ سيرتنا كلبنانيين اقترنت منذ بدايتها بالتضحية الدائمة والكفاح المستمر، وهو قدرٌ لا بدّ منه بالنسبة إلى وطننا الواقع في منطقة مثقلة بالصراعات وعدم الاستقرار.

أما خلال المرحلة الحالية، وهي من الأقسى في تاريخنا الحديث، فلا بد من اتحاد اللبنانيين جميعًا وتقديمهم المصلحة الوطنية العليا فوق الاعتبارات الأخرى، وإخلاصهم للعمل كلّ وفق اختصاصه في سبيل تجاوز العقبات، لأنّ سواعد اللبنانيين قادرة على النهوض ببلدهم مجدّدًا ورفعه إلى أعلى درجات الرقي والحضارة.